عمارة ما بين النهرين

ازدهرَ فن العمارة في بلاد ما بين النهرين وشكل سكانها أنماطًا وهياكل خاصة بهم، وتنوّع فن العمارة لديهم بين البساطة والتعقيد بناءً على نوع الأبنية التي شيّدوها والحضارات التي أتت إليها، فتوالت على منطقة ما بين النهرين عدة حضارات كان لكل منها تأثيره الخاص على فن العمارة هناك، فتميزت العمارة البابلية بالأعمدة، واللوحات الجدارية، والبلاط المطلي بالمينا، أما الآشوريون فتأثروا بالبابليين وشيدوا قصورهم من الحجر والطوب وبطّنوها بألواح حجرية منحوتة وملونة، وسكان المنطقة هم مَن ابتكروا القوس الدائري في فن العمارة.[١]


كان الهدف من البناء في بلاد ما بين النهرين بناء أماكن دينية وحماية المنطقة من الغرباء والمعتدين، واستطاع السكان هناك الارتفاع في أبنيتهم، وأثبتت الاكتشافات أن بعض المباني في بلاد ما بين النهرين استغرقت من 3-5 سنوات لتكتمل، وعمل بها حوالي ألفي رجل، وأبرز ما يميز عمارة ما بين النهرين الزقورة؛ وهي بناء ديني مهم بالنسبة لهم.[٢]


خصائص عمارة ما بين النهرين

طغَت على عمارة بلاد ما بين النهرين الخصائص المميزة الآتية:[١]

  • استخدمت ثقافات بلاد ما بين النهرين في مبانيها مادة الطوب كمادة أساسية؛ لأنه المادة الأكثر وفرة في المنطقة، في حين استخدموا الحجر بشكل أقل نظرًا لقلة توفره، واستخدموه في التزيين فقط.
  • كانوا يزينون القصور والمباني العامة بالزجاج، أو الطلاء، أو الحجار، أو النقوش.
  • استخدموا الزخرفة في أبنيتهم وكانت هذه الزخارف عبارة عن رسوم لحيوانات مهجّنة مع الإنسان.


أنواع عمارة ما بين النهرين

ظهرت عدة أنواع من العمارة في بلاد ما بين النهرين، وهي كما يلي:


العمارة المحلية

تشير العمارة المحلية إلى المنازل والمساكن البسيطة التي كان يبنيها الناس، فكان كل شخص مسؤول عن بناء منزله لوحده، واستخدموا في الأبنية المحلية الطوب، والأبواب الخشبية، والقصب، وكانت مداخل المنازل هي الفتحات الوحيدة فيها، فكان الهدف من تقليل الفتحات زيادة قدرة البناء على تحمل الأوزان، ولوحظ تباينًا كبيرًا بين الأبنية العامة والأبنية الخاصة في بلاد ما بين النهرين، ومع أن المنازل كانت متباينة من ناحية الحجم إلا أنها تتشابه من ناحية التصميم العام، فكانت تتألف من غرفة كبيرة مركزية تتوزع حولها غرف أصغر، وكان وجود الفناء من السمات البارزة في هذا النمط المعماري واستمر استخدامه إلى اليوم في بيوت دولة العراق.[١]


الزقورات

الزقورات هي أهم إنجاز معماري لبلاد ما بين النهرين، وهي هياكل دينية ضخمة على شكل هرمي متدرج، يوجد في قمته ضريح أو معبد، وتشبه الزقورات في شكلها الأهرامات المصرية، فبُنيت على مبدأ تكديس الطوب، ومن الجدير ذكره أن الزقورات لم تكن أماكن عبادة لعامة الناس بل كانت للكهنة والمسؤولين الدينيين فقط، ويعود تاريخ الزقورات الأولى الباقية اليوم إلى الثقافة السومرية في الألفية الرابعة قبل الميلاد.[١]


العمارة السياسية

تشير العمارة السياسية إلى الأبنية العامة؛ مثل القصور والمعابد التي تميزت بعناصر زخرفية كالطلاء اللامع، والذهب، والمينا، والأحجار الملونة، وكان الهدف منها تزيين المباني من جهة وتقويتها ودعمها من جهة أخرى، وعندما جاء الآشوريون إلى المنطقة استبدلوا الطوب المجفف بالشمس بالحجر وكانت مبانيهم أكثر متانة، واعتمدوا في الزخرفة والتزيين على النقوش الحجرية الملونة والنقوش البارزة، أما القصور فكانت كبيرة جدًا من ناحية الحجم ومفعمة بالتعقيدات من ناحية التصاميم والزخرفة بهدف تمييزها عن العمارة المحلية.[١]


بهذه الأثناء ابتكرت حضارات ما بين النهرين الأقواس الدائرية وكانت قوية لتحمل النوافذ والأوزان الثقيلة، وكانت تسمح بدخول الهواء إلى المباني، ومن أشهر الأمثلة على الأقواس المستدير بوابة عشتار الموجودة الآن في متحف بيرغامون في برلين، وزُيّنت هذه البوابة باللازورد والطوب الأزرق المزجج، بالإضافة إلى الزخارف النباتية والنقوش البارزة التي تصوّر الحيوانات المقدسة لدى عشتار؛ آلهة الخصوبة والحرب.[١]


الجدران والقبور

بنت حضارات ما بين النهرين الجدران والمقابر، وكان الهدف من تشييد الجدران حراسة المدن، واتسمت بأنها عمودية متقاطعة مع بعضها بزوايا قائمة وفيها أبراج عالية، وشيُدت الممرات من خلال أبواب محصنة جيدًا، وكانت هذه الممرات عبارة عن أقبية نصف أسطوانية، أما القبور فلم تحظَ باهتمام كبير من قبلهم وكانت عبارة عن قصر بسيط فيه أقبية من الطوب، ومقسمة لعدة غرف، ويوضع عليها من الخارج نصب تذكاري صغير ليس له قيمة فنية تُذكر، سوى أنه يميّز هذه الهياكل بأنها مقابر.[٣]


تاريخ عمارة ما بين النهرين وأصولها

بلاد ما بين النهرين هي البلاد التي تقع بين نهري دجلة والفرات، وتشير السجلات إلى أن السومريين أول حضارة عاشت على الأرض واستغلت أنهار بلاد ما بين النهرين وبنت معابد كبيرة فيها كانت مصنوعة من الطوب، وخلال الفترة السومرية الجديدة تطورت أشكال المعابد لتظهر الزقورة، في حين أن الناس العاديين عاشوا في بيوت صغيرة، وفي فترة البابليين تطورت العمارة جدًا؛ فقدموا مخططات هندسية تحتوي على ساحات فناء واسعة، أما في الفترة الفارسية طغت الزخارف على فن العمارة هناك.[٤]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح "Mesopotamia", courses.lumenlearning, Retrieved 23/11/2021. Edited.
  2. "Mesopotamia", ahsmesopotamia5th.weebly, Retrieved 23/11/2021. Edited.
  3. "Ancient Mesopotamian Art and Architecture", ancientcivilizationsworld, Retrieved 23/11/2021. Edited.
  4. "History of Architecture: Megaliths, Mesopotamia, and Ancient Egypt", archdaily, Retrieved 23/11/2021. Edited.