بداية الفن الإسلامي

بدأت ملامحُ الفنِّ الإسلاميّ بالظُّهور في عصر الخلفاءِ الرّاشدين، وكان آنذاك بسيطًا غيرَ بارزٍ؛ لانشغالِ المسلمين بالجِهاد والفتوحاتِ ونشرِ دين الإسلامِ والدّفاع عنه، ثمَّ تطوّر شيئًا فشيئًا إبَّانَ الفتوحات الإسلاميّة، فبنى المسلمون القصورَ الفاخرة والمساجدَ السّامقة، وعرفوا فنونًا مختلفة نتيجة اتِّصالهم بالثقافات الأخرى ومشاهدة منجزاتها الفنيّة وانخراطهم بالأمم ذات الحضارات العريقة، ثمّ ظهرَ ما عُرِف بـِ "الطُّرز الإسلاميّة" التي ميَّزت كلّ فترة من فترات الحكم الإسلاميّ[١]


تطور الفن الإسلامي

تطوَّرت الأساليب الفنيَّة في مختلف الأقاليم الإسلاميَّة بما ينسجمُ ورؤية الإسلام وتعاليمه، وبسببِ امتزاج المسلمين بأهل البلاد التي فتحوها فقد طرقوا فنونًا مشابهة لفنونِهم جملةً لكنّها مختلفة عنها تفصيلًا، ومن الطُّرز الإسلاميَّة التي عُرِف من خلالِها الفنُّ الإسلاميّ ما يأتي.[٢]


الطراز الأموي

من شواهدِه: العمارة الأمويّة التي قدّمت مبانيَ فريدة مثل: قبّة الصخرة في بيت المقدس والجامع الأمويّ في دمشق الذي بناه الخليفة الوليد بن عبد الملك يتوسَّطه صحن تُحيط به أروقة وإيوانات حجريّة، وقد كان لبناء المساجد الأمويّة أثرٌ في شكل المساجد التي بُنيت في الأمصار الإسلاميّة المختلفة.[٣]


الطراز العباسي

شهدَ العصر العباسيّ تغيُّرًا كبيرًا في فنونِ الزّخرفة والعمارة؛ فقد استخدم البنّاءون الآجور بدلًا من الحجر، وبنوا القوائم بدلًا من الأعمدة، ومن شواهد الطّراز العباسيّ: جامع أحمد بن طولون، ومدينة بغداد التي بناها المنصور على نهر دجلة.[٤]


الطراز الإسباني المغربي

الذي طوَّره أهل مراكش والأندلس، ومن شواهِده: منارة جامع أشبيلية (كالجيرالدا)، وقصر االحمراء وقصر جنة العريف، وجامع الكتبية في مراكش ومدارسها الجميلة، والمآذن المربّعة، وتطبيق الفسيفساء الخزفيّة على الجدران.[٥]


الطراز المصري السوري

الذي تأثَّر بالأساليب الفارسيّة، فأبرزَ فنّ العمارة الإسلامي بتصميم مختلف؛ حيث ظهر فنّ الخزف ذي البريق المعدنيّ وصناعة المنسوجات الفاخرة، والزخارف المحفورة على الجدران والتُّحَف، وإحدى أشهر عمائر الطراز المصريّ: جامع الأزهر المبني من الآجر والمزخرف برسومات خطيّة ونباتيّة.[٦]


الطراز الفارسي

تميَّز هذا الطّراز بمحاكاة الطّبيعة، فأكثروا من تطبيق الزخارف النباتيّة والصّور البديعة على مختلف التّحف الفنيّة، إضافةً إلى فنّ العمارة الذي زخر بألواح "القاشاني" التي صنعها الفُرس، ومن شواهد هذا الطّراز: الميدان الشاهاني في أصفهان.[٧]


الطراز التركي

اشتُهر التّرك بصناعة سجّادات الصّلاة الصّغيرة، وتذهيب المصاحف وصناعة تحف القاشاني والمشغولات الخزفيّة، وبنسج الأقمشة الحريريّة وتذهيبها، وبناء المساجد ذات المآذن المتعدّدة، مثل مبنى أيا صوفيا وجامع شاه زادة وجامع السليمانيّة.[٨]


الطراز الهندي

تأثّر الطراز الهندي الإسلاميّ بالتّراث الهنديّ القديم من زخارفَ وألوانَ وتصاميم، وقد امتازت العمارة الهنديّة بقبابها بصليّة الشّكل ومآذنها الأسطوانيّة، ومن شواهدها: مسجد الجمعة في دلهي.[٧]


تأثير الفنون الإسلامية على الفنون الغربية

تأثَّر الفنُّ الإسلاميّ في بداياتِه بالفنونِ الغربيّة المختلفة، مثل: الفنون القبطيّة والبيزنطيّة والساسانيّة والصينيّة، ثمّ بعدَ أن أرسى قواعدَه وأثبتَ هويَّته أثَّرَ هو بدورِه في الفنون الأوروبيّة؛ فقد أخذ الأوروبيُّون عن المسلمين فنّ النسيج ووظَّفوا الأحرفَ العربيَّة في زخارفِهم، وقلَّد الإيطاليُّون المشغولات الصناعيّة الإسلاميّة التي أنجزها المسلمون في فترة الحروب الصليبيّة، حتى أصبحت إيطاليا وسيطًا انتقل عن طريقِه الكثير من الفنونِ الإسلاميّة، مثل: التجليد وصناعة الخزف والتحف المعدنيّة والزجاجيّة.[٩]

المراجع

  1. أحمد حسن الزيّات، مجلة الرّسالة، صفحة 53. بتصرّف.
  2. زكي محمّد حسن، في الفنون الإسلامية، صفحة 9-10. بتصرّف.
  3. زكي محمّد حسن، في الفنون الإسلامية، صفحة 11-12. بتصرّف.
  4. زكي محمّد حسن، في الفنون الإسلامية، صفحة 13-14. بتصرّف.
  5. زكي محمّد حسن، في الفنون الإسلامية، صفحة 15-16. بتصرّف.
  6. زكي محمّد حسن، في الفنون الإسلامية، صفحة 18. بتصرّف.
  7. ^ أ ب "الطُّرُز أو الأساليب أو المدارس المختلفةفي الفنون الإسلامية"، مؤسسة هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 24/1/2023. بتصرّف.
  8. زكي محمّد حسن، في الفنون الإسلامية، صفحة 22-23. بتصرّف.
  9. "أثر الفنون الإسلامية في فنون الغرب"، مؤسّسة هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 24/1/2023. بتصرّف.