بحث عن اتجاهات الفنون التشكيلية

الفن التشكيلي أحد الفنون البصرية القائمة على النمذجة أو القولبة في نماذج ثلاثية الأبعاد، والنوع الأمثل للفن التشكيلي هو فن النحت، الذي يستخدم فيه الفنانون مواد خام لصنع أعمال فنية ثلاثية الأبعاد، مثل الرخام، والجرانيت، والحجر الرملي، والعظام، والعاج، والخشب، ومواد أخرى حديثة مثل الخرسانة والألمنيوم، ويوجد نوع آخر من الفن التشكيلي وهو الفخار الخزفي الذي يستخدم الطين كمادة أساسية للتشكيل،^[١] ولكن هذا لا يمنع أن الفن التشكيلي يشمل الرسم أيضًا وهو فن ثنائي الأبعاد لكن يمكن للرسام من خلال تقنيات الظل والنور خلق وهم العمق وجعل العمل الفني يبدو وكأنه ثلاثي الأبعاد، وشمل الفن التشكيلي أيضًا فن العمارة.^[٢] ومع هذا تختلف طرق التعبير من فنان لآخر وتختلف الفترات الزمنية التي ظهرت بها الفنون ومن هنا ظهرت اتجاهات ومدارس الفنون التشكيلية المنوّعة.^[٣]

المدرسة الانطباعية

الحركة الانطباعية هي حركة فنية فرنسية، ظهرت أولًا في الفن ومن ثم انتقلت إلى الموسيقى، وظهرت في فرنسا خلال أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وفيما يخص الفن التشكيلي كانت السمة الرئيسية للحركة الانطباعية هي تسجيل الواقع المرئي بدقة وموضوعية،^[٤] ومن خلالها ابتعد الرسامون الانطباعيون عن تصوير الواقع كما هو مثلما كان في المدرسة الواقعية وإنما رسموا انطباعهم عنه، وحاولوا نقل انطباعاتهم عن الأشخاص والطبيعة والضوء، واستخدموا ضربات الفرشاة الواضحة في لوحاتهم، وخرج الرسامون الانطباعيون إلى الهواء الطلق لرسم لوحاتهم، ومن أبرزهم كلود مونيه، وبيرث موريسو، وكاميل بيسارو، وألفريد سيسلي، وأوغست رينوار، وماري كاسات، وإدغار ديغا.^[٥]

المدرسة الانطباعية الجديدة

ظهرت هذه الحركة الفنية في فرنسا في أواخر القرن التاسع عشر كرد فعل على الواقعية التجريبية للحركة الانطباعية، واعتمدت على الحساب المنهجي والنظريات العلمية في تحقيق التأثيرات البصرية داخل اللوحة، وقاد هذه الحركة الفنية جورج سورات، وبول سينياك، ومن الرسامين الذين اتبعوا أسلوب الانطباعية الجديدة هنري إدموند كروس، وألبرت دوبوا بيليت، وماكسيميليان لوس، وتيو فان ريسلبرغ، وكميل بيسارو.^[٦]

استخدم هذا الاتجاه الفني تقنية معينة خلط الألوان؛ فبدلًا من مزج عدة ألوان مع بعضها ومن ثم تطبيقها على اللوحة القماشية، وضع الفنانون الانطباعيون الجدد ألوانهم المختلفة على اللوحة القماشية فورًا على شكل مجموعة من النقاط الصغيرة، وكان دمج الألوان من مهمة عين المشاهد، فتجتمع النقاط الملونة في عين المشاهد وتتألق لتُعطي تأثيرًا بالاندماج، وهذه التقنية عززت لمعان الألوان في اللوحات.^[٧]

المدرسة الرمزية

ظهرت الحركة الرمزية في ثمانينيات القرن التاسع عشر كحركة أدبية فرنسية ولكنها انتشرت لتصل إلى الفن التشكيلي، وكانت كرد فعل على العقلانية والمادية في الفنون، وبالنسبة للفن التشكيلي اعتقد الفنانون الرمزيون أن الفن يجب أن يعكس عاطفة أو فكرة عوضًا عن تمثيل الواقع والعالم الطبيعي وبالتالي يمكن التعبير عن العواطف والأفكار بالرموز بعيدًا عن التصوير الواقعي.^[٨] وصيغَ مصطلح الرمزية من قبل الناقد الفرنسي جان مورياس في عام 1886 لوصف شعر ستيفان مالارمي وبول فيرلين، وبعد ذلك أصبح ظاهرة دولية معقدة.^[٩] ومن أشهر الفنانين الرمزيين أوديلون ريدون، وإدوارد مونش، وغوستاف مورو، وجيمس إنسور.^[١٠]

المدرسة التعبيرية

ظهر هذا التيار الفني في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وهي أسلوب فني يقوم على تصوير المشاعر والاستجابات الذاتية التي يشعر بها الفنان وتثيرها لديه الأحداث والأشخاص من حوله عوضًا عن تصوير الواقع أو تسجيل ملاحظاته وانطباعاته، ويحقق الفنان هدفه في الاتجاه التعبيري من خلال المبالغة والتشويه والبدائية والخيال والتناقض أو العنف.^[١١] ويعتمد الفنان في هذا الاتجاه الفني على الخطوط العريضة القوية والألوان الجريئة، في حين أن عناصر العمل الفني تكون أكثر مباشرةً وأبسط، ومن أبرز فناني هذا الاتجاه الفني دوناتيلو، وماتياس غرونوالد، وماتيسي، وبابلو بيكاسو..^[١٢]

المدرسة الدادائية

ظهرت الحركة الدادائية خلال الحرب العالمية الأولى في مدينة زيورخ في سويسرا كرد فعل سلبي على أهوال الحرب، وتعتمد هذه الحركة على السخرية واللامنطقية في التعبير عما يحصل من أهوال ومآسٍ، أسس هذه الحركة الكاتب هوغو بول في عام 1916، ومن أبرز الفنانين الذين اتبعوا هذه المدرسة الفنية آرب، ومارسيل دوشامب، وفرانسيس بيكابيا، وكيرت شويترز.^[١٣] وتعتمد هذه الحركة على السخرية من النخب التي تؤيد الحروب وتناهض الرأسمالية في المجتمع من خلال أعمالها الفنية.^[١٤]

المدرسة السريالية

ظهرت الحركة السريالية في أوروبا بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، ويمكن القول إنها نمت من الحركة الدادائية، ويركز الفن السريالي على التعبير الإيجابي على عكس الدادائية السلبية التي تعبر عن المآسي وأهوال الحروب،^[١٥] قاد هذه الحركة أندريه بريتون، وأطلق الفنانون من خلالها العنان لأفكارهم واللاوعي بداخلهم فيصورون مشاهد غير واقعية من أحلامهم وتخيلاتهم، ومن أشهر الفنانين السرياليين سلفادور دالي، ورينيه ماغريت، وجوان ميرو، وفريدا كاهلو، وميريت أوبنهايم، ومان راي.^[١٦]

المدرسة التجريدية

يعود أصل الحركة التجريدية إلى القرن التاسع عشر،^[١٧] والتجريد في الفن لا يهتم بتصوير الواقع المرئي بدقة وعوضًا عن هذا يستخدم الأشكال والألوان والعلامات والإيماءات لتوصيل الأفكار والمشاعر وتحقيق التأثير، ويعتمد أيضًا على تبسيط الأشكال وتخطيطها لتصبح أشبه بالأشكال الهندسية، ويسمى هذا الفن أيضًا بالفن غير الموضوعي أو الفن الملموس، ويُنظر للفن التجريدي غالبًا بأنه يحمل بعدًا أخلاقيًا.^[١٨] ومن أشهر الفنانين التجريديين روبرت ديلوناي، ووليم دي كونينغ، وكاظمير ماليفيتش، وألكسندر كالدر، وجورجيا أوكيففي.^[١٩]

المدرسة التكعيبية

ابتكر هذه المدرسة الفنية الفنان الشهير بابلو بيكاسو وزميله الفنان جورج براك، لتصبح أشهر المدارس الفنية في القرن العشرين، ولكنها ظهرت للمرة الأولى في عام 1907، وتتميز الأعمال الفنية المرسومة على النمط التكعيبي بأنها مليئة بالأشكال الهندسية التي تبدو وكأنها مكسورة،^[٢٠] وتعتمد على المكعبات والمثلثات والأشكال الهرمية، وكل ذلك يتم تشكيله على هيئة لوحة ثنائية الأبعاد دون رسم عمق لها، وتبدو وكأنها مكسورة أو مجزأة، أما المنظور فيها فيبدو متحركًا.^[٢١] ومن أبرز رواد هذه المدرسة الفنية جان ميتزينجر، وألبرت جليز، وروبرت ديلوناي، وهنري لو فوكونير، وفرناند ليجر، وخوان جريس.^[٢٢]